بدأت اليوم محاكمة "رجل داعش الأول في ألمانيا"، أبو ولاء العراقي، وأربعة آخرين بتهمة تجنيد مقاتلين من ألمانيا للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية". من يكون هذا الشخص؟ وما علاقته بمنفذ اعتداء برلين؟
بدأت اليوم الثلاثاء (26 أيلول/سبتمبر 2017) محاكمة "أبو ولاء" العراقي في ألمانيا بتهمة إنشاء شبكة تجنيد لحساب تنظيم "الدولة الإسلامية" للقتال في سوريا والعراق. ويمثل أحمد عبد العزيز عبد الله (33 عاماً) أمام القضاء الألماني في مدينة تسيله في ولاية سكسونيا السفلى شمال البلاد، بالإضافة إلى شركائه الأربعة: حسن كيلينك وهو تركي الجنسية (51 عاماً)، وبوبان سيميونوفيك وهو ألماني- صربي (37 عاماً)، وحامل الجنسية الألمانية محمود عميرات (28 عاماً) بالإضافة إلى أحمد فيفس يوسف(27عاماً) وهو من الكاميرون. وقد تصل الأحكام التي ستصدر بحق المتهمين إلى عشر سنوات وفق قانون الجنايات.
"الكشف عن آليات عمل شبكات الإسلامويين"
وطوّق عدد كبير من قوات الأمن محيط المحكمة الثلاثاء، حاملين أسلحتهم ومرتدين سترات واقية من الرصاص، فيما فرضت في قاعة المحكمة إجراءات أمنية مشددة. وأفادت صحيفة "شبيغل" الألمانية أن المناقشات القانونية، التي قد تمتدّ حتى شباط/فبراير 2018، "ستعطي رؤية مفصلة عن آليات" عمل الشبكة الإسلامية المتطرفة، و"هو ما يجعل من هذه المحاكمة الأهم منذ سنوات لعناصر إسلامويين".
المحكمة التي يمثل أمامها المتهمون الخمسة في مدينة تسيله في ولاية سكسونيا السفلى
والجدير بالذكر أنه تم اعتقال المتهمين الخمسة في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2016. وتحدثت تقارير إعلامية عن تقديم شبكة "أبو الولاء" المساعدة للمجندين مالياً ولوجستياً للسفر إلى سوريا والعراق. ووصفت السلطات الألمانية "أبو ولاء العراقي" بأنه "الأخطر" من ضمن الشبكة. وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، بأن هذا الأخير هو "الرأس المدبر" للشبكة. و"أبو ولاء العراقي" مصنف من قبل السلطات الألمانية ومنذ سنوات كشخصية رئيسية بين الإسلامويين في ألمانيا. وتتحدث مصادر إعلامية عن تصنيف وزارة الداخلية الألمانية له منذ عام 2012 كـ"شخص متآمر".
"رجل داعش الأول في ألمانيا"
يتحدث أبو ولاء العراقي، الذي وصل إلى ألمانيا كطالب لجوء في 2001، اللغة الألمانية بطلاقة. وأشارت مجلة "شبيغل" الألمانية إلى أنه متزوج من امرأتين وأب لسبعة أطفال، وسافر وأقام بطريقة غامضة مرات عدة في العراق.
وحسب تقارير إعلامية، فقد ساهمت اعترافات أحد العائدين من القتال في صفوف "داعش"-بشكل جزئي- في إلقاء القبض على "أبو ولاء العراقي". وحسب ما قاله العائد، البالغ من العمر 22 عاماً، فقد انضم لصفوف "داعش" في سوريا لعدة أشهر ثم هرب إلى تركيا، وهناك أعطى مقابلة إعلامية. ثم عاد نهاية سبتمبر/أيلول الماضي إلى ألمانيا. وفي المقابلة وصف الشاب "أبو ولاء العراقي" بأنه "رجل داعش الأول في ألمانيا".
ويعتمد ملف الادعاء بشكل أساسي على شهادة مخبر في جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي، جمع مؤشرات وأدلة ضد الداعية العراقي. ومن المفترض أن يتم إعفاء هذا الشاهد من الإدلاء بأقواله علنا، حفاظاً على سلامته.
"بؤرة التقاء المتطرفين"
يخطب "أبو ولاء العراقي" ويعطي دروساً دينية في مسجد يسمى Deutschsprachiger Islamkreis بمدينة هيلدسهايم / Hildesheim في ولاية سكسونيا السفلى. ويلقب "أبو ولاء العراقي" نفسه بـ"شيخ هيلدسهايم". وقال وزير داخلية الولاية، بوريس بيستيروس، إن "المسجد تحول لـ"بؤرة لالتقاء السلفيين والمتطرفين، ليس فقط من ولاية سكسونيا السفلى، بل من خارجها أيضاً".
تأسس المسجد عام 2012، وقد وضعت السلطات الأمنية المسجد تحت المراقبة منذ ثلاث سنوات. وحسب وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى فإن المسجد يدعو "للكراهية ضد غير المؤمنين". وعلى الأقل فقد سافر 26 شاباً من مدينة هيلدسهايم ومحيطها إلى مناطق الحروب. وحسب تقديرات المخابرات الداخلية الألمانية في تقرير لها في مايو/أيار الماضي فإن ولاية سكسونيا السفلى تشمل 550 متطرفاً إسلاموياً، وقد سافر من الولاية ما يقارب 75 شخصا "للجهاد" في سوريا والعراق.
وبحسب الادعاء، كانت مهمته إلى جانب شركائه، تغذية المجندين بالفكر المتطرف وإرسالهم إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية". لكنه خطط أيضاً في المسجد لتنفيذ اعتداءات. ومن بين الأشخاص الذين تربطهم علاقة بهذه الشبكة، واحد على الأقل من بين المراهقين الثلاثة الذين لا يتعدى عمرهم 16 عاماً والذين وضعوا عبوة ناسفة في نيسان/أبريل 2016 في معبد للسيخ في ألمانيا، متسببين بإصابة ثلاثة رجال أحدهم جروحه كانت خطرة. وحكم على المراهقين الثلاثة بعقوبات بالسجن في آذار/مارس 2017.
في العالمين الواقعي والافتراضي
لم يقتصر نشاط "أبو ولاء العراقي" على العالم الواقعي الفعلي فقط، بل تعداه إلى الفضاء الافتراضي، حيث حظي بحضور قوي على شبكة الإنترنت. وكانت له أيضاً قناته الخاصة على اليوتيوب وفيها الكثير من الفيديوهات. ولا يظهر وجهه في الفيديو، بل يدير ظهره للكاميرا. ومن هنا أُطلق على أبو ولاء لقب "الداعية الذي لا وجه له" لأن تسجيلات الفيديو المنتشرة لدى شبكات متطرفة لا تُظهر وجهه.
وكان يوجد تطبيق باسمه "Abu Walaa" في "متجر أبل"، حيث كان بإمكان لمستخدمي الهواتف الذكية تتبع نشاطاته. كما بلغ عدد المعجبين بصفحته على الفيسبوك حوالي 25 ألفاً. ودخل "أبو ولاء العراقي" في سجال مع الداعية السلفي الألماني، بيير فوغل، حيث كان هذا الأخير قد أدان - وبشكل علني- الهجمات الإرهابية ضد الغرب.
من أحد الفيديوهات التي "يرد فيها أبو ولاء على بيير فوغل".
هل من صلة بمنفذ اعتداء برلين؟
ويبدو أن التونسي أنيس عامري (24 عاماً)، منفذ الهجوم على سوق الميلاد الذي أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 48 أخرين في كانون الأول/ديسمبر 2016، تردد إلى هذه الشبكة وتواصل مع بوبان سيميونوفيك وهو مهندس كيميائي استقبل عمري في مدرسة إسلامية في دورتموند. وبحسب "شبيغل"، شارك عامري أيضاً في "مسيرة تحمّل" يتدرب خلالها المجندون على ظروف القتال في سوريا.
وتردد طالب اللجوء التونسي، الذي قتلته الشرطة بعد هروبه إلى إيطاليا، إلى مسجد في برلين معروف بارتباطه بالتطرف الإسلامي ألقى أبو ولاء فيه خطبة. ولم يحصل أي تواصل مباشر بين الرجلين.