اوليفر ديمترى
لا يمكن للظلمة إلا أن تنفضح قدام النور.حين تشرق الشمس تظهر العيوب التى أخذت الليل ستاراً لها.وقف شيخ الأزهر يلقى كلمته و لا يدرك أنه ليس خفى إلا و يعلن.لقد طاف البلاد يدعى كذباً أن الإسلام برئ من الإرهاب.يدعى أن أصحاب الضمائر اليقظة يبحثون عن سبب مقنع وراء المآسي التي لا توجد إلا في بلاد الإسلام ثم تفتق ذهن الشيخ عن سبب وحيد هو تجارة السلاح أي أن الغرب منتج و بائع السلاح هو السبب لكنه تلقي الرد في كلمة بابا السلام حين أضاف إلي السبب المادى للإرهاب السبب الفكرى الأخطر و هو التطرف السائد في مصر و كيف أن أفعال الموت لا تتفق مع الإيمان الحقيقي.كمن يقول أن الإسلام فعل من أفعال الموت.لأنه لا يمكن الجمع بين الإيمان و العنف.
الشيخ المذعور بدأ يهاجم تجديد الخطاب المطلوب بقوله أن الحل هو إخضاع الخطاب الحداثى (الجديد) و سماه المنحرف ,لقراءة نقدية عميقة (أي أن الشيخ نوى قتل التجديد) و هكذا كما دعا الشيخ ينتشل العقل الإنسانى من جموح العقل الفردى.فلا فكر جديد إذن و عليهم أن يسيروا خلف إجماع الأئمة كما هم .هكذا يرى الشيخ.فيرد بابا السلام في كلمته أن الحوار بين الأديان يجب أن يقوم على أداء الواجب (أي الفعل) بشجاعة(بدون تردد أو تعطيل) و إخلاص (بدون تقية إسلامية) و هكذا لم يجدى التلاعب بالألفاظ مع صوت جاء ليشهد بالحق.
ثم ببجاحة و كذب إعتاد عليه الشيخ بدأ يساوى بين حروب لا دخل للدين فيها و بين إرهاب عموده الفقرى و نبض قلبه هو الإسلام و يطلب بكل تبجح من بابا الفاتيكان أن ينقذ الإسلام من تشويه صورته فيرد البابا في كلمته أن ما يحدث من عنف يأخذ وقوده من الدين يتم بواسطة باعة أوهام الآخرة و كلهم شيوخ.وفيما طلب الشيخ المذعور من البابا أن يدافع عن الإسلام ضد نظرية صراع الحضارات .هذا الإسلام يخشي مجرد نظرية في كتاب.و يقول أن الأزهر يدعو لإحترام عقائد الآخرين فيرد البابا أن التفسير المتطرف يرمى إلي إقصاء الآخر و يطلب من الأزهر وقفة جادة لفضح العنف المتدين و القدسية المزعومة و التفسير المتطرف و إقصاء الآخر.هكذا ضاعت حجج الشيخ المذعور و بطل مفعول هجومه الزائف على المسيحية في مؤتمر وهمى للحوار بين الأديان.
وقف الرجل يطالب بتنقية صورة الأديان(يقصد صورة الإسلام) فالأديان كلها إسلام عند العرب.و هو يريد تجميل الصورة دون المواجهة مع حقيقة ما بداخل الصورة .المهم الصورة.فجاء الرد قاسياً من بابا السلام أننا لا يمكن أن نجمع بين الإيمان الحقيقى و العنف.بين الله و أفعال الموت.الأمر يحتاج إختيار إما الصورة و إما الأصل.
و يهدد الشيخ المذعور (و كل الخائفين يستخدمون لغة التهديد ) بقوله أنه لو ترك الإسلام يتعرض لهجوم ظالم فإنه لن يسلم دين من تهمة العنف و الإرهاب.و هي جملة لها معنى لغوى لكن ليس لها وجود على أرض الواقع لأنه لا توجد نية عند المسيحيين لتفجير الناس و لا حرق مساجدهم و لا إنشاء ميليشيات على غرار الأزهر. فيرد البابا في كلمته أن العنف الموجود هو بربرية و أن التكفير و التفجير بسبب خفوت نور العدالة و الأخوة في مصر بما يعني الإستعلاء الإسلامي الزائف و توغل الدين في السياسة الذى سماه(إغراءات السلطة الدنيوية) هو الذى جعل مصر في محنة. و قال أن العنف هو إنكار للدين الحقيقي و كأنه يقول طالما لا توجد محبة في الإسلام فهو ليس دين حقيقى يستحق الدفاع عنه.
و حتى لا يرفع المسئولين أو الأزهر شعاراً من ورق هو الدين لله و الوطن للجميع (التي قالها البابا بالعربية حتي يلفت نظر الجميع) قال أن هذا الشعار يحتاج إلى إثبات.و أن يتم تفعيل القوانين و ليس الإفتخار بها.
ملاحظة هامة: كان الرئيس السيسى متجهماً جداً أثناء كلمة البابا و كأنه يرجع باللائمة على هذا الشيخ الغير فطن لأنه تسبب في هذه الرؤية العالمية للإسلام التي بلورتها كلمة البابا تجاه الإسلام . (لا أظن أنه باق كثير على هذا الشيخ فى موقعه).
البابا كمن يعيش بيننا .كلمته فضحت كل ما يحدث في مصر.فهو سمى ما حدث لأقباط العريش أنه تهجير و سمى ما يحدث للأقباط و مسيحي الشرق ألأوسط أنه إبادة للآخر و رفض حواراً للأديان بغير شروط واضحة أهمها ألا تسرى فيه التقية الإسلامية و طلب من الدولة المصرية أن لا تتهرب و تجيب على دعوة الحضارة و العهد (إطلق شعبي) هذا كان العهد الأول لشعب الله أي الحرية .
كانت كلمة البابا دفاعاً عن أقباط مصر و إفتخاراً بهم.كان يتكلم عن الكنيسة الأرثوذكسية كأرثوذكسى بروح محبة حقيقية و يخاطب البابا تواضروس كأخ فهكذا ينبغي أن يتساوى الأخوة و تتساوى مكاناتهم بدون رئاسة من واحد على الآخر.و كأخ لأخيه قال بابا السلام ما يعبر عن حالنا.العالم كله سيدرس هذه الكلمة لأنها تصلح منهجاً لمحاربة الإرهاب ففيها دور الدولة و فيها دور الأزهر أما الكنيسة فلها شهدائها و آلامها التي عبر عنها البابا فأوجع ضمير العالم.
لقد فشل الشيخ المذعور في تصدير ذعره للبابا و لم يستجب لكلمة واحدة من مناشداته المتوالية و هجومه غير الذكى في موقف يستلزم إحتراماً و تقديراً للآخر أكثر بكثير مما يعرفه شيخ الأزهر.رغم هذا كانت محبة البابا و مشاعره فياضة تجاه شيخ الأزهر.
لقد نجحت زيارة البابا إجتماعياً و سياسياً فى تهيئة الشعب المصرى لمعرفة قدر ومحبة و لغة المسيحيين في الأرض كلها.لقد صار لنشر السلام إشتراطات واضحة ليس من بينها الخداع و التقية و التلون.أما عن النتائج الروحية لهذه الزيارة فلها حديث آخر.الرب يبارك مصر و شعبها بصلوات كل المسيحيين و يبارك كل القادمين إليها مبشرين بالسلام مبشرين بالخيرات.
الفيس بوك