الحرة - واشنطن
أصبح يوم الـ19 من يونيو عطلة فيدرالية في الولايات المتحدة لإحياء ذكرى إنهاء العبودية، وجاء القرار بعد نحو 150 عاما من اعتبار هذا اليوم نهاية للاستعباد الذي كان قانونيا ضد الأميركيين السود وإسدال الستار على حقبة صعبة في تاريخ البلاد.
ويرى البعض أن إقرار الإدارة الأميركية بيوم "جونتينث" عطلة رسمية، بعد أن كانت قد أقرته بالفعل العديد من الولايات، يحمل دلالات هامة ويأتي في سياق حديث وطني محموم حول قضايا التمييز والعنصرية.
وصادق الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، على مشروع القانون، الذي كان الكونغرس بمجلسيه قد مرره بالفعل، ليكون هذا اليوم عطلة في أنحاء البلاد كافة.
عطلة "التحرير" بدأت في تكساس
وتبدأ قصة هذه اليوم بإعلان الرئيس الأميركي، أبراهام لينكولن تحرير العبيد في 22 سبتمبر 1862.
لكن تكساس، التي كانت جزءا من الفيدرالية أثناء الحرب الأهلية، تجاهلت لفترة طويلة هذا الإعلان.
ولهذا السبب، توجه جنرال جيش الاتحاد، غوردن غرانغر، ومعه ألفان من الجنود الفيدراليين، يوم 19 يونيو 1865، إلى ميناء غالفستون في تكساس ليعلن لشعب الولاية أن كل العبيد أصبحوا أحرارا.
واحتفل العبيد السابقون في تكساس في الشوارع ابتهاجا بالإعلان عن حريتهم وإنهاء العبودية.
لكن الأمر الذي أصدره غرانغر لم يغير مباشرة حياة الناس الذين كانوا مستعبدين في تكساس، فملاك العبيد تلكأوا قدر ما استطاعوا قبل إعلان الخبر، مع محاولة الكثيرين منهم الحصول على آخر مكاسب يستطيعون الحصول عليها"، وفق موقع Share America التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
كما أن ممثلي "مكتب الحرية"، وهو وكالة فيدرالية تأسست لمساعدة الملايين من الأميركيين الأفارقة المحررين حديثا في أعقاب الحرب الأهلية، لم يصلوا إلى تكساس حتى شهر سبتمبر، أي بعد عدة أشهر من صدور أمر غرانغر.
وخلال الأيام والأسابيع التي تلت إعلان غرانغر، فإن العبيد السابقين في تكساس تركوا مزارعهم، ما عرضهم لعقوبات شديدة وعمليات انتقامية وحشية، بما في ذلك القتل.
وعلى الرغم من الانتكاسات والعنف في تكساس، فإن المحررين حديثا حولوا يوم الـ19 من يونيو إلى احتفال سنوي بالانتصار على الظلم.
وبدأ الاحتفال بيوم 19 يونيو في تكساس، في عام 1866. وحسبما قال المؤرخ هنري لويس غيتس جونيور: "فإن الأيام الأوائل للاحتفال بالذكرى كانت تشوبها تخوفات فعلية، لكنها تمثل نقطة تجمع للأشخاص السود".
ولم تعترف تكساس بالمناسبة كإجازة رسمية في الولاية إلا في عام 1980، وتلتها ثلاث ولايات أخرى في التسعينات، حتى وصل العدد إلى 49 ولاية مررت تشريعات تعلن الاحتفال بذكرى 19 يونيو كعطلة رسمية.
وفي يوم 15 يونيو الجاري، وافق مجلس الشيوخ الأميركي "بالإجماع" على التشريع، وعقب حصوله على موافقة مجلس النواب بأغلبية ساحقة (بأغلبية 415 صوتا مقابل 14)، وقعه الرئيس بايدن ليكون قانوا نافذا.
ويعتبر الناشط العربي الأميركي، منصور الحاج، في حديث مع موقع "الحرة" أن قرار بايدن خطوة "ممتازة" تصب في اتجاه إظهار مكانة الولايات المتحدة كدولة تراعي الأقليات سواء الدينية أو العرقية وغيرها.
ويشير إلى جهود أخرى للإدارة في الاهتمام بالأميركيين السود، مثل طبع عملة نقدية تخلد ذكرى الناشطة، هارييت توبمان، تقديرا لما قامت به من دور في تحرير العبيد، وذلك في تحركات جديدة للإدارة جاءت بعد أن تعطلت مشاريع تنفيذ هذا المقترح.
الناشط العربي الأميركي، ورئيس منظمة "آراب أميركا" وورن ديفيد، قال لموقع "الحرة" إن العطلة تعزز صورة الولايات المتحدة "كبلد متعدد تعيش فيه العديد من الجنسيات المختلفة".
وكان التشريع قد اكتسب زخما كبيرا على أثر مقتل الأميركي من أصول إفريقية، جورج فلويد، على يد شرطي أبيض، بطريقة وحشية، العام الماضي، وهي الحادثة التي أدت إلى خروج احتجاجات عارمة وأعادت الحديث حول العنصرية والتمييز، في وقت تشهد فيه البلاد تصاعدا للحركات المتشددة والعنيفة التي تضطهد الأقليات.
ويشير ديفيد إلى أن توقيت إعلان بايدن يأتي "في وقت مهم جدا ومحوري في تاريخ الولايات المتحدة"، بالنظر إلى تصاعد الحركات التي تدعو للعدالة العرقية مثل حركة "حياة السود مهمة"، وهناك جيل جديد يرفض هذه "الصورة السيئة للممارسات العنصرية في ثقافتنا".
وتقر "العطلة الفيدرالية "بالأحداث المروعة التي وقعت أثناء حقبة العبودية" ورفض إعلان لينكولن والأحداث التي تلته من اضطهاد الأميركيين السود، ويقول: "لم تحدث النهاية الحقيقية للعبودية إلا بعد طرح هذه العطلة".
ويرى الناشط العربي أن تأخر طرح هذا المشروع أمر طبيعي وهو جزء من "المعالجة الإنسانية لأزماتنا" بعد أن "تشجعت" الحركات العنصرية وأصحاب نظريات تفوق العرق الأبيض خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب.
ويرى ديفيد أن هذه الظروف "فاقمت الوضع وأظهرت الحاجة إلى الاعتراف بهذه العطلة الفيدرالية".
وويقول الحاج إن إدارة بايدن والحزب الديمقراطي يريدان تغيير الانطباع السائد عن الولايات المتحدة خلال السنوات السابقة، وإظهار "التسامح والانفتاح على الآخرين والاهتمام بالأقليات، في مقابل العنصريين الذين وجدوا منصات للحديث خلال السنوات الماضية".