"التطرف" يصل إلى إنستغرام... أكثر من 50 ألف حساب - مقالات
أحدث المقالات

"التطرف" يصل إلى إنستغرام... أكثر من 50 ألف حساب

هي أشبه بلعبة القط والفأر. يحاول "الجهاديون" بسط نفوذهم عبر منتديات التواصل الاجتماعي فيجري التضييق عليهم، يشدون الرحال صوب "فيسبوك".

ترتفع الأصوات للتضييق على "المحتوى المتطرف" و"مشاهد العنف" التي ينشرونها، ثم تكثر الدراسات بشأن عمليات التجنيد وغسل الدماغ التي يمارسونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تنشط حملات التطهير ضدهم تارة على جبهة يوتيوب وتارة أخرى على جبهة تويتر. يخرج المسؤولون ليعلنوا انتصاراً هنا، فيطل "الجهاديون" برأسهم هناك.

لقد سجلت الفترة الماضية تضييقاً ملموساً على استغلال "داعش" وغيره من التنظيمات لوسائل التواصل، ولكن الحقل الشاسع الذي لا ينفك يتطور، متيحاً منافذ جديدة ومختلفة لمستخدميه، يتيحها كذلك لتلك التنظيمات. لعبة الكرّ والفرّ مستمرة.

المنصة الجديدة: "إنستغرام"

"جهاديون يفرون إلى إنستغرام بعد حملة تطهير ضدهم في فيسبوك". انشغل المعنيون بمتابعة التنظيمات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الخبر، إذ كشفت التقارير وجود أكثر من 50 ألف حساب لأشخاص يؤيدون فكر تنظيم الدولة الإسلامية على موقع انستغرام، وهو ما اعتُبر "نوعاً من الهجرة للجهاديين المتطرفين نحو هذا الوسيط الذي يعتمد على نشر الصور، بعد حملة تطهير ضدهم في فيسبوك ويوتيوب وتويتر"، حسب صحيفة "التايمز" البريطانية.

وبحسب تقرير لشركة تحليل البيانات "غوست داتا"، فقد لجأ مؤخراً مناصرو "داعش" إلى خاصية وضع الصور و"القصص" (Stories) التي تختفي بعد 24 ساعة في موقع "إنستغرام" لنشر دعايتهم بشكل متزايد.

وعليه فقد حذّر الخبراء أن أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية وأنصارهم تحولوا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية إلى منصات تواصلية ثانوية تختفي منها المنشورات بعد فترة قصيرة، فضلاً عن استخدام تطبيقات تبادل الرسائل لنشر دعايتهم.

ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن أندريا ستروبا، وهو جزء من مشروع "غوست داتا"، أن 50 ألف حساب موجود على موقع انستغرام يُعتقد أنهم على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية، ومن بينهم 10 آلاف حساب "ذات صلات قوية جداً مع الجماعات الإرهابية"،

وهؤلاء يرسلون رسائل يعرفون أنها ستختفي كما يعرفون سلفا من سيتلقاها. يبعثون برسائلهم وهم مدركون أن هذه المنصة تشكل وسيلة آمنة لمشاركة المعلومات.

وكشف ستروبا، وهو عضو في المنتدى الاقتصادي العالمي كذلك، أن لا دليل على أن ما ينشر مرتبط بوحدات البروباغندا المركزية لداعش، ولكن بعض المواد تتضمن مثالاً مقطع فيديو لأطفال يلوحون بأعلام تنظيم الدولة الإسلامية وصورة لجثة رجل مقطوعة الرأس تظهر مصير "الكفار".

لماذا "إنستغرام"؟

يقول نايل دويل، المتخصص في التطرف الإسلامي، لصحيفة "التايمز" إن "إنستغرام يعد مثالياً للدولة الإسلامية لدعم حملات البروباغندا التي تقوم بها، مثل نشر صور حصاد موسم زراعي أو إصلاح عطل كهربائي أو تأهيل طرقات، كما تلك المتعلقة بنشر صور مقاتلين خلال المعركة أو إعدامات جماعية. وكل ذلك  لإظهار أن الأمور تجري بشكل طبيعي في الدولة الإسلامية التي تهتم بشؤون من يخضعون لسيطرتها وتدافع عنهم"، مضيفاً أن "الصور بغالبيتها مضلِّلة... تظهر وجود الجنة على الأرض".

كما نقلت "التايمز" عن مركز أبحاث متخصص قوله إن البروباغندا الجهادية على وسائل التواصل هي الأكثر فعالية في بريطانيا، إذ نشر أحد الأشخاص في بريطانيا "قصة" على إنستغرام يدعو فيها المناصرين للتجمع لحلقة نقاش في "هايد بارك".

وفي بحث آخر لمتخصصين في مكافحة التطرف، ظهر أن المقاتلين في سوريا يعتمدون بشكل متزايد على سنابشات (حيث تُمحى الصور بعد رؤيتها مباشرة)، وذلك من أجل التواصل بشكل سري. في حين كتب مقاتل لمتابعيه على فيسبوك يخبرهم أن "هذا التطبيق قد مات"، داعياً إياهم لمتابعته على سنابشات.

معروف أن إنستغرام تطبيق مملوك من "فيسبوك"، الذي يتعرض لضغوط متزايدة من أجل ضبط المحتوى المتطرف. وقالت الشركة في بيان "لا مكان للإرهابيين والدعاية الإرهابية، أو للإشادة بالنشاطات الإرهابية على إنستغرام. نعمل جاهدين لإزالة أي محتوى أو حساب بمجرد التأكد منه".

وأشارت الشركة إلى وجود فرق متخصصة تراقب المحتوى وتغربله وتعمل على إيقاف المتطرف منه على الفور.

مع ذلك، تبقى مثل هذه الجهود منقوصة في ظل ما تظهره التنظيمات المتطرفة، وتحديداً "داعش"، من "خفة حركة" بين المنصات، وقدرة على التشتت بشكل مرن، على الرغم من الضغوط العسكرية التي تتعرض لها، حسب ما أشار مركز أبحاث "تبادل السياسات" البريطاني.

اجتماع الأمم المتحدة.. وغياب "تلغرام"

تزامن لجوء التنظيمات المتطرفة إلى انستغرام مع التحذيرات المتزايدة التي أطلقها المسؤولون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في اليومين الماضيين.

وقد طالت التحذيرات شركات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات الكبرى كفيسبوك وغوغل وغيرهما، والتي باتت ملزمة بإزالة التطرف من محتوياتها خلال ساعتين، تحت طائلة دفع غرامات كبيرة في حال فشلها.

في المقابل، تعرّض اجتماع الأمم المتحدة الذي جرى هذا الأسبوع لانتقادات عدة بدوره. أتت هذه الانتقادات على خلفية غياب المسؤولين عن تطبيق تلغرام عن الاجتماع. وأتت التساؤلات حول هذا الغياب، بينما كان تلغرام الخاص بالرسائل المشفرة قد أزال 9000 قناة مرتبطة بـ"داعش" خلال شهر أغسطس وحده.

وفي حديث مع "آسوشييتد برس"، عبّر الباحث في شؤون التطرف في "كينغز كولدج" شارلي وينتر عن استغرابه من قيام هذا النقاش في الأمم المتحدة بغياب تلغرام، بينما بات الأخير بمثابة مركز الجاذبية لمناصري الدولة الإسلامية في ظل الضغوط على تويتر ويوتيوب.

وبحسب مصدر في "داويننغ ستريت" فقد تلقى مؤسسا تلغرام الروسيين نيكولاس وبافيل دوروف دعوة للانضمام إلى الاجتماع لكنهما رفضا، في المقابل امتنعت شركة تلغرام عن التعليق.

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث